إبراهيم عربي يكتب: شكرا حمدوك..!

أسمح لي سيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ان نقول لك بكل صدق وبدون زعل (شكرا حمدوك ..!) ، شكرا لأنكم خدعتونا بالهبات والمنح الخارجية ونحن أغنياء والحمد لله ، وبل خدعتونا في كل حاجة.

فالوضع في السودان خطير ولا يبشر خيرا ، ولذلك نطالبكم بحل الحكومة وإستقالتكم وإختيار حكومة كفاءات يتوافق عليها الجميع حتي لانفقد الوطن!.

حل علينا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ضيفا وغادرنا (سحابة صيف) وإنها إحدي ثمرات شراكاتكم (المدنية – العسكرية) ، فما عادت الوثيقة الدستورية التي جاءت بكم مبرئة للذمة ، وعلينا أن نعترف جميعا بأن الأوضاع في السودان تسير إلي الأسوأ ! وستطال النار غدا الجميع بلا إستثناء.

تصاعدت الأزمة الإقتصادية فأصبحت الأوضاع خارج السيطرة بإعتراف وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي ، ونحسب إنه صادق فيما ذهب إلية ، فالأسواق تعاني الإنفلات ، والدولار (110) جنيه ، في وقت وصلت فيه ازمة (الرغيف والوقود والمواصلات) إلي أسوأ حالاتها في تاريخ البلاد ، بسبب تخبطات وصبينة وزراءك والمسؤولين الذين اوصلونا لمرحلة اليأس.

لقد إنتهي زمن (الغطغطة والدسديس) فلا داعي لدفن الرؤوس في الرمال وتبادل الإتهامات والإحتشاد والإحتفاء بالفشل والإحتشاد المضاد (شكرا حمدوك..!) ، فقد إنكشف كل شيئ والبلاد أصبحت علي حافة الإنزلاق وضياع الوطن ، فلا مجال بعد لتغييب العقول وأساليب الشيطنة والإستحمار والإستغفال.

مع الأسف الشديد مفاوضات جوبا يهددها الفشل بسبب الإختلاف حول تقسيم كيكة السلطة وتقاطعات المصالح ، وأعتقد تصريحات عضو مجلس السيادة الناطق الرسمي باسم الوفد المفاوض محمد حسن التعايشي صحيحة ولكنها جاءت تصريحات جافة (بلا دبلوماسية).

إنها خلافات حقيقية مع الجبهة الثورية ، بعضهم يعمل لإجهاض الإتفاق لأنه سيحل الحكومة ويفقده كل شيئ ، والبعض الآخر متخوف بأن يفتح عليه الإتفاق أبواب جهنم ، ولذلك كله هنالك عقبات وتحديات تواجه مفاوضات جوبا وتهددها بالفشل.

إذا سلمنا جدلا ان تصريحات التعايشي بفشل الإتفاق بين الحكومة والجبهة الثورية صحيحا ، إذا سيترتب علي ذلك إنهيار المفاوضات والعودة للمربع الاول وتبدأ من جديد مرحلة أزمة الثقة.

وبالطبع تعزز بذاتها شكوك الجبهة الثورية حول وجود وفود (قحت) المتتابعة لجوبا مزودجة المعايير والمهام والتوجهات ، وبالتالي ربما تدخل البلاد في دوامة جديدة من العنف.

إذا لا زالت الشكوك تراوح مكانها حول مقدرة منبر جوبا لحل المشكلة السودانية لأجل تحقيق سلام مستدام في السودان، رغم تصريحات الوساطة ، قالت إنها قطعت 80% من مهمتها ، فلا يزال المنبر يفتقد للشرعية الدولية والإقليمية بصورة رسمية وبالتالي ظل المنبر يفتقد لدعم مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي ماديا ومعنويا ولوجستيا.

وتلك الفرضية تؤكد أن منبر جوبا لازال يوصف بالضعف من حيث الوسيط والمكان والزمان والمنهجية والدعم والتمويل ، مقابل ضعف خبرة الوفد الحكومي وحدوده التفويضية ، وتباين وخطل وإزدواجية مسارات الجبهة الثورية في بعضها، رغم أهمية المنبر لحل مشكلة الحرب المؤلمة في (دارفور والمنطقتين) ، وتمثل بذاتها أولي مطلوبات رفع السودان من قائمة الدول الراهية للإرهاب.

فلا زالت التحديات ماثلة ، إذ لا زال رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور الشهير (مستر نو) بعيدا رافضا لمفاوضات جوبا ، معتبرا إياها مجرد محطة للمحاصصات وتقسيم كيكة السلطة ولا تقود لحل القضية السودانية ، ولكن ربما جوبا في إنتظار العقوبات الأمريكية التي لوحت بها ضد حركة نور لتأتي به طائعا إلي طاولة المفاوضات.

فيما توقفت المفاوضات مع الحلو في محطة الإعتذار لتصريحات محمد جلال هاشم ، غير أن الوساطة كشفت عن موافقة الحلو الجلوس ، ولازال الرجل متمسك بعلمانية الدولة وتقرير المصير.

رغم الإتفاق السري مع بعض مكونات قحت والمعلن مع بعضها الآخر ، قالت أن الحلو تنازل عن تقرير المصير مقابل علمانية الدولة ، غير أن الرفض الشعبي للعلمانية والتلويحات الامريكية بممارستها سياسة (العصا والجزرة) قد تجعل مطالب الحلو ماهي إلا مجرد سقوفات تفاوضية.

ولكن لا أدري ما حقيقة تصريحات الوساطة حينما قالت إنها بدأت ترتيباتها للتوقيع النهائي علي إتفاق سلام بين (الحكومة والجبهة الثورية)، فلا أدري اي إتفاق نهائي تقصد ولا زالت المواقف متباعدة حول تعديل الوثيقة الدستورية لاسيما المادتين (70، 20) بينما تطالب قحت بتمديد الفترة الانتقالية، وقد كشف التعايشي عن اتفاق بين الثلاثي (قحت والسيادي ومجلسى الوزراء) على ذلك لاستيعاب عملية السلام وقال إن التمديد  اصبح من الضروريات.

إذا ستقود العملية لإلغاء أو تعديل الوثيقة الدستورية وحل الحكومة وإدخال لاعبين جدد لمرحلة جديد يتوافق عليها الجميع دون إستثناء لاجل الوطن (شكرا حمدوك..!).

زر الذهاب إلى الأعلى