إبراهيم عربي يكتب: المثليين في أبوحمد

المثليين في أبوحمد .. رسالة إلي هؤلاء!
ما حدث في أبوحمد بولاية نهر النيل مؤشر مجتمعي خطير ينذر بإنحراف سلوكي وأخلاقي ، وبالتالي يعتبر مؤشر سالب علي المجتمع ، وأعتقد لم يكن سلوكاً جديداً ولكنه كان مستتراً أخرجته المدنية والحرية للعلن.
وبالطبع ما تبعتها من أحداث تعتبر رسالة لدعاة المدنية والعلمانية وجماعة فصل الدين عن الدولة ، حيث كشف المدير التنفيذي لمحلية ابوحمد يحي خالد عبدالباسط رئيس اللجنة الأمنية عن مقتل أحد المثليين من قبل مجهولين في مناسبة إحتفال (زواج مثليين) في مقهي بسوق طواحين الذهب وإصابة (اثنين) اخرين منهم باصابات بالغة وإتلاف وحرق ونهب (17) مقهي ونادي مشاهدة بمنطقه طواحين الذهب.
وتعود تفاصيل الحادثة لإندلاع أعمال عنف من قبل مواطنين غاضبين ضد الظاهرة بسوق طواحين الذهب (15) كيلو شمال مدينة أبوحمد ، قالوا أن هؤلاء خرجوا عن الدين وكريم معقتدات وتقاليد وأعراف المجتمع هناك ، فيما إعترض الأهالي علي دفن جثمان القتيل من المثليين بمقابر أبوحمد مما أحدث أعمال شغب وحرق ونهب الممتلكات.
غير أن المديرالتنفيذي أكد السيطرة علي الأوضاع عقب تجمع مئات المواطنين من مدينة أبوحمد مطالبين بفرض سلطة الامن علي مواقع التعدين وترحيل اصحاب السلوكيات السيئة الي خارج المحلية مع رفضهم دفن جثمان المتوفي بمقابر المدينة.
وقال أن الأجهزة الأمنية تمكنت من القبض علي (84) من المشبه في تورطهم في الاحداث وقال أن التحريات مستمرة تحت المواد (174 ، 175) من القانون الجنائي لسنة 1990م واكد ان لجنته ظلت في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الأحداث مع المزيد من التعزيزات الأمنية في طريقها لموقع الحدث في طواحين سوق الذهب لاحتواء اي احداث متوقعه علي خلفية تلكم الاحداث المتلاحقة بالمنطقة.
بالطبع ماحدث في أبوحمد سلوك مرفوض ويقود للمزيد من الفوضي وأعمال العنف ، ولكنها حادثة تؤكد أن المجتمع متمسك بقضاياه الدينية ولن يتهاون فيها لاسيما تلك التي تهز أركان المجتمع خارج إطار الشرع الكريم.
وبالطبع ماحدث رسالة ورد للدكتور محمد جلال هاشم وأمثاله من دعاة الدولة العلمانية وفصل الدين عن الدولة ، وتؤكد رفض المجتمع الذي يغلب عليه 90% من المسلمين أن تتحكم فئة ضد الدين وذات أهواء خاصة في مصير قضايا شرعية هدما للبنيان المرصوص ، وتؤكد حالة رجم المثلي تلك التمسك بشرع الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.
حادثة أبوحمد تقودنا لحدود الحريات وشعار الثورة (حرية ، سلام وعدالة) والتي نراها قد إنحرفت عن مسارها كثيرا ، وبالطبع ماحدث يؤكد ان السلوك الشخصي له حدود والتصرفات ايضا حق شخصي ولكنه له حدود ايضا.
لاسيما عندما يترتب على هذا السلوك أضرار خاصة أو عامة فإنه يصبح إنتهاك للحريات لاسيما تلك السلوكيات التي تتعلق بالعادات والتقاليد المجتمعية الراسخة ، فما حدث ظاهرة لفظها المجتمع لأنه ضد الدين وخادش للحياء.
وتقودنا الظاهرة لمشكلة إحدي البنات متبرجة بلبس فاضح يخدش الحياء في موقف المواصلات بالخرطوم فأرغمها ركاب البص علي النزول بسبب هذا الهندام الخادش والمسيئ مجتمعيا ، بالطبع هذا عقاب مجتمعي لان هذا اللبس تجاوز حدود الخاص لإنتهاك حرمة العامة.
الحرية تدل علي ثقافة المجتمع بصرف النظر عن إنضباط هذه الحرية بقواعد معينة أو انفلاتها من هذه الضوابط بما فيها من أنظمة وقوانين وأعراف وتقاليد ، وبالطبع إن خرج سلوك الفرد دون المجتمع فإن الخروج عليه يصبح خرقا للحياة الطبيعية كما يعيشها المجتمع بقيمه ومثله العليا.
ولذلك فإن عدم الانضباط يؤدي حتما إلى الفوضى، التي لا يدفع مرتكبها الثمن وحده، بل ومعه المجتمع أيضا مثلما حدث في أبوحمد ، ولذلك تصبح الحقيقة الثابتة أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
بلا شك أن الحرية تمثل جوهر الإنسانية ، وقد تباينت الآراء حولها ، ما أن كانت حرية مطلقة او حرية ذات قيود ، ولكن السواد الأعظم لاسيما بالسودان متفقون علي ألا تكون حرية مطلقة بلا قيود وضوابط وأحكام حتي لا ينفلت العقد المجتمعي ويقود للتشتت والهلاك والتفكك.
ويعتبر حدث أبوحمد مؤشرا خطيرا لمستقبل البلاد ، فيما تمثل الحرية المسئولة طريق الحياة لإنتظام الانسان في كيان يضمه والآخرين علي حد سواء إن كانت أسرة (نواة او ممتدة) أو مجتمع أو دولة ، فالحرية مع الجهل يقود إلى الفوضى والانفلات المجتمعي.